تجاهل الخطأ، وتجنب المواجهة أو التعامل مع الآخرين، أو الغضب الشديد، كلها عيوب في الشخصية. وبدلا من ذلك، يتحتم على القائد الحقيقي محاولة فهم أسباب الفشل ومصدره وطريقة تجاوزه.
هل التعاطف سلبي؟
ليس بالضرورة أن تكون الدالاي لاما أو الأم تيريزا كي تكون قائدا عطوفا. ومع ذلك، قد يكون لمفهوم التعاطف سمعة سيئة. بحسب الكاتبة ليا وايس في تقريرها الذي نشرته مجلة "إنك" الأميركية.
في الحقيقة، عندما تترامى إلى مسامعنا كلمة "التعاطف"، يكون من السهل ربطها بشعور سلبي وربما حتى بانفعال قوي قد يبديه أحدهم، ما من شأنه أن يربك مشاعرك أو احتياجاتك الخاصة، بل يستنزف عزمك. لكن، ربما تكون مخطئا وتخلط بين التعاطف وبين أمر آخر.
التعاطف والشفقة ليسا الأمر ذاته
يشدد الرئيس التنفيذي لشركة "لينكد إن" جيف وينر، الذي روّج لتبني التعاطف في شركته، على وجود فرق بين التعاطف والشفقة، إذ يتمحور التعاطف بدرجة أكبر حول الفهم والشعور بما يعيشه الشخص الآخر ثم العمل على إصلاح الوضع. أما الشفقة فترتبط بمشاركة واستيعاب تلك المشاعر فقط.
وعلى سبيل المثال، إذا قابلت شخصا يعيش ألما، ستدفعك الشفقة إلى الشعور بالألم بدورك، في حين أن التعاطف سيحثك على محاولة تخفيف ألم هذا الشخص.
ويؤكد الباحثون في العلوم العصبية في معهد ماكس بلانك في برلين، أن الدماغ نفسه يختبر الشفقة والتعاطف بشكل مختلف. ويؤدي الاندماج في معاناة العديد من الأشخاص إلى الإرهاق العاطفي، في حين أن التعاطف يمكن أن يزيد في الواقع من قدرتنا على التحمل ويساعدنا على التعامل بإيجابية أكثر مع المواقف المجهدة.
كيف يجعلك التعاطف أقوى؟
التعاطف يعزز قدرتنا على الأخذ بزمام المبادرة. فمن خلال حثنا على العمل على حل المشاكل بدل الاكتفاء بالجلوس أو التهرب منها، يساعدنا التعاطف في فرض نوع من السيطرة.
ويعود السبب في ذلك إلى أن تجنب المواقف غير المريحة أو المحرجة أو غض الطرف عن السلوك السلبي، يمكن أن يؤدي إلى السلبية. لكن عندما نبادر بالتصرف، لا نترك المجال لأي أحد للسيطرة علينا، بل نحن من نتحكم في زمام الأمور.
ويقوي التعاطف أيضا أسلوب التفاهم. فمن خلال الاعتراف بصحة وجهة نظر الآخر، نستطيع عندها إعادة صياغة قضية ما من منطلق مختلف، حتى عندما يتعارض الموضوع مع وجهة نظرنا الخاصة. كما أن التمتع بالشجاعة والاستعداد لقبول وجهة نظر الآخر، خاصة عندما لا نرغب في ذلك، يستلزم إتقانا وقوة وطاقة على عكس من لا هيبة لهم.
فضلا عن ذلك، يعزز التعاطف التواصل بين الأشخاص. ويساعد ترسيخ التعاطف وممارسته على الحد من الأحكام المسبقة، ويشجع في المقابل على التواصل، الذي يخلق بدوره مناخا أكثر توازنا وتماسكا ومساواة.
التعاطف يصقل مهارات القيادة
ولا يعني التعاطف أنه عندما يخطئ شخص ما علينا أن نتجاهل ذلك، أو نتجنب مواجهته أو التعامل معه، أو نتمنى أن يختفي ذلك الخطأ. كما لا يعني التعاطف أن بإمكاننا أن نغضب ونتحجج بأن هذا السلوك هو عيب في الشخصية. فالتعاطف يصقل أيضا مهارات القيادة.
بدلا من ذلك، سيقودنا التعاطف الحقيقي لمحاولة فهم مصدر الفشل أو المشكلة، وطرح أسئلة من قبيل: ما الذي حدث؟ ما الذي كان يفكر فيه؟ وما الذي أدى إلى هذه النتيجة؟ هذه التساؤلات، حتى وإن كانت تتيح لنا المجال للاعتراف بمدى إحباطنا وانزعاجنا، فهي لا تبرهن على امتلاك مهارات القيادة فحسب، بل تجسد أيضا مفهوم التعاطف على أحسن وجه.
ما الأسلوب الفعال للتعبير عن التعاطف؟
يمكن أن يتبلور هذا الأسلوب بمجرد أن تسأل أحد زملائك في العمل ما إذا كان في حال جيدة أو أن تقدم المساعدة إلى زميل في الفريق يعاني من ضغوط كثيرة. لكن، قد يعني ذلك أيضا ضرورة إعلام زملائك بخطئهم.
فعلى سبيل المثال، عليك إعلام زميلتك أن أسلوبها في التواصل يبعدها عن بقية الزميلات، أو أن عدم الالتزام بالمواعيد النهائية يؤثر بشكل متكرر على عمل المجموعة بأكملها، وليس عليها فقط. فالتعاطف يعني وجود الاحترام الكافي لمواجهة شخص ما بهدوء بخصوص الأخطاء التي قد لا يكون على علم بها أو التي لا يعترف بها، ولتشجيعه على أن يكون أفضل وأكثر فاعلية ومسؤولية مما هو عليه.
هل يمكن أن يكون هذا الأسلوب غريبا؟ من المحتمل حقا أن يكون كذلك. لكن إذا تعاملت مع الوضع دون أحكام أو انتقاد، بل بفضول حقيقي ورغبة حقيقية في فهم القصة القابعة خلف ما يحصل، فستفتح حينها أبواب التواصل، وستفرض سيطرتك. والأهم من ذلك، ستكون لديك فرصة أفضل، ليس فقط لحل المشكلة الآنية، بل لتجنب الأخطاء المشابهة في المستقبل كذلك.
وخلص التقرير إلى أن التعامل بكرامة واحترام مع الآخرين من شأنه أن يعزز بدوره كرامتك كي تحظى باحترام الآخرين، وتخلق بيئة أكثر إنتاجية ليعمل الجميع بشكل فعال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق