أعلن باحثون من جامعة "كوين ماري" البريطانية، قبل أيام، توصّلهم إلى نتائج جديدة حول طبيعة الغلاف المغناطيسي المحيط بكوكب الأرض بعد فحص البيانات الصادرة من الأقمار الاصطناعية التابعة للمهمة "ثيميز".
و"ثيميز" (THEMIS)، هي إحدى مهام إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، وتتكون من خمسة أقمار اصطناعية بحثية موزعة حول الأرض لفحص ودراسة الغلاف المغناطيسي الخاص بها، مع التركيز بشكل أكبر على ظاهرة الشفق القطبي.
والشفق القطبي هو مزيج من الألوان المتناثرة بشكل بديع تتشكل أعلى القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية بسبب اصطدام الرياح الشمسية بغلاف الأرض المغناطيسي.
طبلة فوق الأرض
وجاءت النتائج، التي نشرت قبل أيام في دورية "نيتشر"، لتوضح أن الطبقة العليا للغلاف المغناطيسي للأرض، ما يسمى بـ"الفاصل المغناطيسي"، تتلقى الضربات من الرياح الشمسية لتهتز كما يهتز سطح الطبلة تماما.
بمعنى أوضح، حينما تضرب بيديك على سطح الطبلة فإن موجة من الاهتزاز تنتقل من موضع الضربة إلى حواف الطبلة المشدودة ثم تنعكس مرة أخرى في اتجاه مركز الضربة.
حينما تلتقي الموجتان، المسافرة إلى حواف الطبلة والقادمة من تلك الحواف، فإنهما تتداخلان معا فيما يسمى بالموجة الراكدة، في هذا النوع من الموجات تظهر بعض النقاط على سطح الطبلة كأنها تقف ساكنة بينما تتذبذب الأخرى للأعلى والأسفل.
وبحسب الدراسة الجديدة، فإن هذا النمط من الاهتزازات يمكن أيضا رصده خلال الغلاف المغناطيسي للأرض وتحويله إلى نبضات صوتية. في تلك النقطة تدخلت الأقمار الاصطناعية التابعة للمهمة "ثيميز" لرصد هذه الاهتزازات الراكدة أثناء تلقي الأرض لموجة من الرياح الشمسية.
والرياح الشمسية هي تدفق كثيف للجزيئات المشحونة في طبقات الشمس العليا، التي تتمكن بطريقة ما من الإفلات من جاذبية الشمس لتنطلق في الفضاء بسرعات هائلة.
رياح من نوع خاص
يفتح هذا الاكتشاف الجديد الباب لتحقيق فهم أفضل لحركة الطاقة في الغلاف المغناطيسي للأرض على إثر استقباله للرياح الشمسية، فرغم أن الباحثين في هذا المجال يمكن لهم ملاحظة هذا النوع من التفاعل، فإنهم لم يتمكنوا بعد من تحقيق فهم كامل لكيفية حدوثه وتطوره.
وتختص "ثيميز" بدراسة ما يسمى "طقس الفضاء". للوهلة الأولى قد يبدو هذا الاسم عجيبا بعض الشيء فنحن لا نعرف إلا الطقس على سطح الأرض، الذي يصدف أنه بارد جدا هذه الأيام، إلا أن طقس الفضاء هو ظاهرة مختلفة ومهمة أيضا بالقدر نفسه.
إن فهم وتوقع طقس الفضاء مهم لفهم البيئة التي تعمل فيها المركبات الفضائية، كالسفن الفضائية والأقمار الاصطناعية، وروادها كذلك، حيث يمكن للعواصف الشمسية الشديدة أن تعطل الاتصالات بكافة أنواعها وأنظمة الملاحة في السفن والطائرات والسيارات على حد سواء، أو تسبب أعطالا في شبكات نقل الطاقة الكهربائية في المدن.
مستقبل مجهول
أضف إلى ذلك أن الغلاف المغناطيسي للأرض يحميها من آثار الرياح الشمسية الأكثر ضررا للحياة، حيث يعتقد العلماء أن المريخ، على سبيل المثال، كان يوما ما ذا غلاف مغناطيسي قوي تمكن من حمايته وإبقائه مناسبا للحياة، لكن مع ضعف هذا الغلاف المغناطيسي تمكنت الجسيمات القادمة من الشمس من اختراق الكوكب والتأثير في غلافه الجوي ليصبح في النهاية كما نراه الآن، صحراء جدباء ممتدة.
لذلك فإن فهم آلية عمل هذا الغلاف المغناطيسي يوفر للباحثين فرصة أفضل لتوقع، ومن ثم تجنب، أية آثار ضارة مستقبلية للرياح الشمسية على كوكب الأرض. ويأمل باحثو الدراسة الجديدة أن توفر نتائج "ثيميز" فرصة أفضل لفعل ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق